سورة الهمزة - تفسير تفسير ابن كثير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الهمزة)


        


{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)}
الهماز: بالقول، واللماز: بالفعل. يعني: يزدري بالناس وينتقص بهم. وقد تقدم بيان ذلك في قوله: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11].
قال ابن عباس: {هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} طعان معياب.
وقال الربيع بن أنس: الهُمَزة، يهمزه في وجه، واللمزة من خلفه.
وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعنُ عليهم.
وقال مجاهد: الهمزة: باليد والعين، واللمزةُ: باللسان.
وهكذا قال ابن زيد.
وقال مالك، عن زيد بن أسلم: هُمَزة لحوم الناس.
ثم قال بعضهم: المراد بذلك الأخنس بن شريق.
وقيل غيره.
وقال مجاهد: هي عامة.
وقوله: {الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ} أي: جمعه بعضه على بعض، وأحصى عدده كقوله: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 18] قاله السدي، وابن جرير.
وقال محمد بن كعب في قوله: {جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ} ألهاه ماله بالنهار، هذا إلى هذا، فإذا كان الليل، نام كأنه جيفة.
وقوله: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} أي: يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار؟ {كَلا} أي: ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب. ثم قال تعالى: {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} أي: ليلقين هذا الذي جمع مالا فعدده في الحطمة وهي اسم من أسماء النار صفة؛ لأنها تحطم من فيها.
ولهذا قال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأفْئِدَةِ} قال ثابت البناني: تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء، ثم يقول: لقد بلغ منهم العذاب، ثم يبكي.
وقال محمد بن كعب: تأكل كل شيء من جسده، حتى إذا بلغت فؤاده حَذْوَ حلقه ترجع على جسده.
وقوله: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} أي: مطبقة كما تقدم تفسيره في سورة البلد.
وقال ابن مَرْدُويه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن سراج، حدثنا عثمان بن خَرزَاذ، حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} قال: «مطبقة».
وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن أسيد، عن إسماعيل بن خالد عن أبي صالح، قوله، ولم يرفعه.
{فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} قال عطية العوفي: عمد من حديد.
وقال السُّدِّي: من نار.
وقال شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} يعني: الأبواب هي الممدوة.
وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود: إنها عليهم مؤصدة بعمد ممدة.
وقال العوفي، عن ابن عباس: أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد، وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب.
وقال قتادة: كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار. واختاره ابن جرير.
وقال أبو صالح: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} يعني القيود الطوال. آخر تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة.